Monday, April 27, 2015

فتات قمر


ابتدرتني بالسؤال وقالت:
ماذا ترى امامك؟
قلت: أرى بحراً من الآمال المحطمة
قالت: هذه أمانينا التي سخر منها الزمن
وافراحنا التي جمدها الواقع
قالت: هذا ما خفنا دوما من الغرق فيه وغرقنا
وما قاومنا كثيرا لنصل الى شطه وماوصلنا
..
سكتت ثم قالت أيضاً: وماذا ترى الآن؟
قلت: أرى وحشاً يخرج من بحر الأماني
له ثلاث رؤوس
قالت: هذه الثلاث هي من ذات المصدر الوحشي: القلب
والثلاثة هم..
غرائز لا تشبع أبدا
واحتياجات لا تسدد ابدا
وجروح لا تندمل ابدا
..
قلت: وماذا يفعل الوحش في بحرنا؟
فتحت فمها لتجيب
فما خرج اللا آهة عميقة..
أخيرا قالت:
لأن وحش القلب لا يشبع ولايكتفِ ولايبرأ
فهو يبحث دائما فينا عن بقايا للذاكرة
يحييها، ينميها، ويجسدها
ليفترسها ويفترسنا معها..
ويبقى أيضا غير راضٍ..

ثم قالت فجأة: أو لم تسمع عن القمر الذي تكسَّر شظايا؟
قلت: لا، لم أسمع قط عن قمراً تفتت
قالت: كان للأرض قمران
كان معا يسهران
ينامان
يعملان
ويمشيان..
كان إن غابت الشمس
يبسطان ضياءاً يهدي كل السفن..
ولم يُفقد في ذلك الزمان مركب واحد في بحر..
وحدث يوماً أن أشرق أحدهما فوق ذلك البحر الذي انت ترى..
ورأي أماله المحطمة ولم يعلم من قبل أنها تنتظره يوما ما..
فاقترب من شط البحر ليتفرس بها..
فلما اقترب من البحر اجتذب ضياءه المد.. واهتاج الماء جدا وضربه بقوة..
فأصتدم بالجبل القريب من الشاطئ وتكسرمثل البلور..
..
ورغم مرور دهورا ودهورا عليه..
لازال إلى الآن
كلما ظهرت رفيقته في السماء
يسرع يلملم بقاياه
ويطفو على سطح المياه
مقابلها يلمع وينطفئ
يبتسم ويبكي
ثم يترك نفسه يغرق
في سواد البحر من جديد
..

0 Comments:

Post a Comment

<< Home